مصرع كليوباترا ... لأحمد شوقي
تنتمي القصيدة إلى فن الشعر المسرحي أو الشعر
التمثيلي أحد فنون الشعر الذي استحدثته مدرسة المحافظين، وحمل لواءه أبرز روادها
أحمد شوقي، فكتب عددا من قصائد الشعر التمثيلي، قدمت في صورة مسرحيات شعرية على
خشبة المسرح القومي، وكانت أولاها مسرحيته (مصرع كليوباترا) سنة 1927 ثم توالت مسرحياته مجنون ليلى، وقمبيز، ومسرحية
عنترة.
ممن استمد
شوقي مسرحه الشعري؟
استمد شوقي مسرحه الشعري من التاريخ العربي،
مصورا عواطف أمته الوطنية والقومية، متأثرا في ذلك بالمدرسة الكلاسيكية الفرنسية التي اعتمدت على
التاريخ في مسرحها، كما تأثر شوقي بمدرسة شكسبير الرومانسية فلم يتقيد بالوحدات
الثلاث: وحدة الزمان، ووحدة المكان، ووحدة الموضوع التي كان الكلاسيكيون يتقيدون
بها.
موضوع
المسرحية:
تنتمي كليوباترا ملكة مصر إلى أسرة البطالمة الذين حكموا مصر في إحدى حقب تاريخها القديم، وقد ساندها يوليوس قيصر على ارتقاء عرش مصر، وبعد مقتل يوليوس قيصر تنازع على حكم روما فريقان وقفت كليوباترا منها موقف المحايد الحذر، فلما انتصر فريق أنطونيوس دعاها؛ ليبحث معها أسباب حيادها، فوقع في حبها، فرد لها الزيارة في الشتاء التالى، وتزوج أخت منافسه أوكتافيوس، لكن الحنين عاوده إلى الإسكندرية، فعاد إليها، وأثار ذلك غضب أوكتافيوس، فأنذره بالحرب، وفي سنة 30 ق.م اشتبك أوكتافيوس وأنطونيوس في معركة بحرية تسمى موقعة أكتيوم قرب الإسكندرية، وفيها وقفت كليوباترا بجانب أنطونيوس، لكنها انسحبت أثناء القتال، فضعف جانبه، ثم دارت معركة برية أخرى على أسوار الإسكندرية، انتصر فيها أوكتافيوس، وفي أثناء المعركة أرادت كليوباترا أن تأسره بجمالها، كما يتحدث التاريخ الروماني، وأرسلت إلى أنطونيوس من يخبره بموتها، فأغمد سیفه في قلبه، ولما علم بكذب الخبر أمر أن ينقل إليها ليموت بين يديها، وخشيت كليوباترا أن يأسرها أوكتافيوس فانتحرت، وتركت بنتين من أنطونيوس، وولدا من يوليوس قيصر، وقد اتهم المؤرخون كليوباترا بالتخلي عن حليفها أنطونيوس، وتركه وحده يواجه الهزيمة، لكن شوقي يدافع عنها، ويصفها بالوطنية، وأنها كانت تسعى بصنيعها لحماية مصلحة مصر.
التعليق على
النص
ينتمي هذا النص إلى فن الشعر المسرحي الذي يعتمد على
الحوار، ويتسم بأنه من قبيل الشعر الموضوعي، وليس الغنائي الذاتي كما هو الشعر
التقليدي المتوارث، ويتنوع الأسلوب داخل النص تبعا لاختلاف الشخصيات، ويعتمد النص
على الصراع والحوار مثل الفن المسرحي في ذلك.
ما الذي قصد إليه الشاعر بهذه المسرحية؟
قصد الدفاع عن الملكة كليوباترا مما لحق بها من تشويه الأفلام
الغربية لتاريخها، فأراد شوقي أن ينصف (كليوباترا) ويظهرها في ثوب الوطنية، وأنها
آثرت مصلحة الوطن فوق عاطفتها الشخصية، وليس كما صورها المؤرخون الأجانب بأنها
امرأة لعوب تتصف بالغدر والخيانة.
وقد أخذ النقاد على شوقى مآخذ، أهمها:
طول الحوار: فقالوا (شوقی غنائى و لم يمثل) فقد جاءت الجمل الحوارية
طويلة جدا، ولعل ذلك لأنه شاعر غنائي في الأصل اعتاد على تأليف القصائد الطويلة.
* أسلوب الشخصيات: جعل شوقي (شرمیون) الوصيفة تنطق بكلمات أعلى من المستوى
الثقافي للخادمات.
* تصوير الشخصيات: جعل شرميون الخادمة تتدخل في سياسة الدولة، فتذيع خبرا
كاذبا بدون إذن الملكة، والملكة ترضى بذلك وتقبله.
* أكثر شوقي من الحكم في المسرحية، وهذا وعظ يرفضه بعض نقاد الشعر
المسرحي.
عناصر المسرحية:
1- الحادثة: يعرض هذا الجزء فرحة الشعب بالنصر الزائف، وموقف شرميون
صاحبة الشائعة من النصر، وموقف الملكة وتبريرها للانسحاب.
2- الفكرة: هي فكرة تاريخية هدفها الدفاع عن ملكة مصر، وتوضح أن مصلحة
الوطن فوق كل مصلحة أخرى.
3- الشخصيات:
- كليوباترا: هي الشخصية المحورية، وهي حاكمة تعتز بمصريتها، وتحرص على
رفعة مكانتها واستقلالها.
- شرمیون: شخصية ثانوية ذات ذكاء قوی تستطيع التصرف في الأزمات، والخروج من
المأزق.
4-
الحوار:
اعتمد الشاعر على الحوار الذي يدور على ألسنة الشخصيات، وقد يطول ويقصر حسب
الموقف، وحسب الشخصية، وثقافتها، والدور الذي تؤديه.
الصراع: وهو الاختلاف الناشىء عن تناقض الآراء، ووجهات النظر
بالنسبة لقضية أو فكرة ما بين شخصيات المسرحية، وهو الجانب المعنوي الشعوری، وهو
في النص نوعان:
- صراع خارجی: يتمثل في موقف الشعب والملكة وشرمیون.
- صراع داخلی: يتمثل في المشاعر المتوترة لكليوباترا والمتناقضة أحيانا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق