اصطلاحًا: هو الجمع بين المعنيين المتقابلين (المتضادين)
السر البلاغي من الطباق: إبراز المعاني المتقابلة بصورة واضحة تمكنها في النفس، لأن الضِّدَّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ كما يقال.
س: ما هي صور التقابل؟
1-
تقابل التضاد: إذا كان
اللفظان من أصل مختلف
- قال
تعالى (ولا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهم ضَرًا ولا نَفْعًا) فالضر
مقابل النفع.
- قال تعالى (فأولئك يُبَدِّلُ اللهُ سيئاتِهم حسناتٍ) فالسيئات
مقابل الحسنات.
- قال تعالى (وأنَّه هو أضحكَ وأَبْكَى) فالضحك مقابل البكاء.
2-
تقابل إيجاب وسلب: إذا كان
اللفظان من أصل واحد، ولكن أحدهما مثبت والآخر منفي.
- قال تعالى (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
3-
تقابل عدم وملكة: إذا كان
الشيئان لا يجتمعان، أي: إذا وجد أحدهما انعدم الآخر.
- قال تعالى (قُلْ هل يَسْتَوِي الأعمى والبَصِيرُ).
فالتقابل هنا: بين وجود ملكه البصر في البصير، وعدم وجودها فى الأعمى.
4-
تقابل اعتباري: ويكون
التنافى فيه باعتبار المتعلق.
- قال تعالى (وأنه هو أَمَاتَ وأَحْيَا).
فالإحياء والإماتة: متقابلان
باعتبارهما يتعلقان بنفس واحدة.
أ- ما كان فيه اللفظان مثبتين معا:
- قال تعالى
(وتحسبهم أيقاظًا وهم رُقُودٌ).
- قال
تعالى (وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظُّلماتُ ولا النُّورُ
* ولا الظِّلُّ ولا الحَرُورُ).
- ليس من مات فاستراح بِمَيِّتٍ *** إنما المَيِّتُ مَيِّتُ الأحياءِ
- حلوُ الشمائلِ، وَهْوَ مُرٌّ باسلٌ *** يحمي الذِّمَارَ
صبيحةَ الإرهاقِ
- حُلَمُاءُ في
النادي إذا ما جِئْتَهُمْ *** جهلاءُ يوم عَجَاجَةٍ ولِقَاءِ
- قيل (كثرةُ النظرِ إلى الباطلِ تُذْهِبُ بمعرفة الحقِّ
من القلبِ).
- قيل (إن
كنتَ كاذبًا فغفر اللهُ لك، وإن كنتَ صادقًا فغفر الله لي).
- قيل (إنَّا
لا نُكَافِئُ مَنْ عصى الله فينا بأكثر مِنْ أن نطيعَ اللهَ فيه).
ب- ما كان فيه اللفظان منفيين معا:
- لعنَ الإِلَهُ بني كُلَيْبٍ إنَّهُم *** لا يَغْدُرُونَ ولا يُوفُونَ لِجَارِ
يستقيظون إلى نَهِيقِ حِمَارِهِم *** وَتَنَامُ أعينهم عن الأوتارِ
- قال تعالى (هو الأَوَّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والبَاطِنُ).
- قال تعالى (الذي خلقَ الموتَ والحياةَ).
- قال تعالى (علمُ الغيبِ والشهادةِ).
- قال تعالى (ليميزَ اللهُ الخبيثَ من الطَّيِّبِ).
- قال تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً للذينَ ءَامَنُوا اليَهُودَ والذينَ أَشْرَكُوا ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً).
- قال تعالى (الحمدُ للهِ الذي خلقَ السمواتِ والأرضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ والنُّورَ).
- قال تعالى (ومن آياتِه يُرِيكُم البَرْقَ خَوفًا وطَمعًا).
- قال تعالى (ثم جعل من بعد ضَعْفٍ قُوَّةً).
- قال تعالى (وآية لهم الليلُ نَسْلَخُ منه النَّهَارَ).
- قال تعالى (فقال لها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا).
- قال تعالى (إنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ).
التعليل: حيث وقع التقابل بين اسمين .
2- أن يكونا فعلين:
- قال تعالى (قال فيها تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ).
- قال تعالى (فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أخافُ أن يُكَذِّبُونِ).
- قال تعالى (اللهُ يَبْسُطُ الرزقَ لمن يَشَاءُ من عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ له).
- قال تعالى (وإنَّ رَبَّك ليعلمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وما يُعْلِنُونَ).
- قال تعالى (لا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُم).
- قال تعالى (والذي يُمِيتُنِي ثم يُحْيِينِ).
- قال تعالى (وليس عليكم جُنَاحٌ فيما أَخْطَأْتُمْ به ولكن ما تَعَمَّدَتْ قلوبكم).
- قال تعالى (تُرْجِي من تشاءُ منهم وَتُؤْوِي إِلَيْكَ من تَشَاءُ).
- قال تعالى (إن تُبْدُوا شيئًا أو تُخْفُوهُ).
- قال تعالى (يعلمُ ما يَلِجَ في الأرضِ وما يَخْرُجُ منها وما يَنْزِلُ من السماءِ وما يَعْرُجُ فيها).
- قال تعالى (ربنا أَمَتَّنَا اثنتين وأَحْيَيْتَنَا اثنتين).
- قال الشاعر: إذا أَحْسَنْتَ يومًا أَسَأْتَ ضُحَى غَدٍ *** فإحسانُها سيفٌ على الناسِ جَائِرُ
التعليل: حيث وقع التقابل بين فعلين .
3- أن يكونا حرفين:
- قال تعالى (لها ما كَسَبَتْ وعليها ما اكْتَسَبَتْ).
- قال تعالى (ولَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بالمعروفِ).
- على أَنَّنِي رَاضٍ بأن أحملَ الهَوَى *** وَأَخْلُصَ منه لا عَلَيَّ ولا لِيَا
التعليل: حيث وقع التقابل بين حرفين
- قال تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى).
- قال تعالى (وآَيَةٌ لهم الأرضُ المَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا).
- قال تعالى (فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًا ولا يَرْجِعُونَ).
- قال تعالى (أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَاَّفاتٍ وَيَقْبِضْنَ).
التعليل: حيث وقع الطباق (التقابل) بين اسم وفعل
2- فعل واسم:
- قال تعالى (ومن يُضْلِلْ الله فَمَا له من هَادٍ).
- قال تعالى (وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ والأَبْرَصَ وأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ).
- قال تعالى (فمن يُرِدِ اللهُ أن يَهْدِيَهُ يشرحْ صدرَه للإسلامِ ومن يُرِدْ أن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صدرَه ضَيِّقًا).
- قال تعالى (ولقد فَتَنَّا الذين من قَبْلِهِم فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الذين صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبينَ).
- قال تعالى (وتُخْفِى في نَفْسِكَ ما اللهُ مُبْدِيهِ).
- قال تعالى (وهذا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبيًّا لِيُنْذِرَ الذين ظلموا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ).
التعليل: حيث وقع التقابل بين فعل واسم.
ثانيًا: طباق السلب: هو الذي يقع بين لفظين متضادين من أصل واحد (بين فعلين من مصدر واحد) ولكن أحدهما مثبت والآخر منفي أو أحدهما أمر والآخر نهي.
1- أمر ونهي:
- قال تعالى (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا).
- قال تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إليكم يابَنِي آَدَمَ أَلَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَن اعْبُدُونِي).
- قال تعالى (لا تَسْجُدُوا للشَّمسِ ولا لِلْقَمَرِ واسْجُدُوا للهِ الذي خَلَقَهُنَّ).
- قال تعالى (ثُمَّ جَعَلْنَكَ على شريعةٍ من الأَمْرِ فاتَّبِعْهَا ولا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذينَ لا يَعْلَمُونَ).
- قال تعالى (اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ).
- قال تعالى (فلا تَخْشَوُا الناسَ واخْشَوْنِ).
- لا تَعْجَبْ من المُخْطِئِ كيف أَخْطَأَ واعْجَبْ من المُصِيبِ كيف أَصَابَ.
2- مثبت ومنفى:
- قال تعالى (فقال أَحَطْتُ بما لم تُحِطْ به).
- قال تعالى (إنَّ ذلكم كان يُؤْذِي النبيَّ فَيَسْتَحِي منكم والله لا يَسْتَحِي من الحقِّ).
- قال تعالى (سَوَاءٌ عليهم أَأَنْذَرْتَهُم أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ).
- قال تعالى (منهم من قَصَصْنَا عليك ومنهم مَنْ لم نَقْصُصْ عليك).
- قال تعالى (فلا أُقْسِمُ بما تُبْصِرُونَ وما لا تُبْصِرُونَ).
- قال تعالى (عَلَّمَ الإِنْسَانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).
- قال تعالى (ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهرًا مِنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا).
- وَنُنْكِرُ إنْ شِئْنَا على الناسِ قَوْلَهُم *** وَلَا يُنْكِرُونَ القولَ حين نَقُولُ
- لا يَعْجَبَانِ بِقَوْلِ النَّاسِ عن عَرَضٍ *** ويَعْجَبَانِ بما قَالا ومَا سَمِعَا
- أَبْلِغْ أخانا تَوَلَّى اللهَ صُحْبَتَهُ *** أَنِّي وَإِنْ كُنْتُ لَا أَلْقَاهُ أَلْقَاهُ.
- اللهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ أَذْكُرُهُ *** وكيف يَذْكُرُه من ليس يَنْسَاهُ.
- يُقَيَّضُ لي حيثُ لا أَعْلَمُ الهَوَى *** وَيَسْرِي إلى الشَّوْقِ من حَيْثُ أَعْلَمُ.
- ليسَ العَجَبُ من أن تفعلَ وإنَّما العَجَبُ من أَلَّا تَفْعَلَ.
- ليس معي من فضيلةِ العلمِ إلا أَنِّي أَعْلَمُ أنِّي لا أَعْلَمُ
أ- قال تعالى (وأَنَّهُ هو أَضْحَكَ وَأَبْكَي): فالضحك والبكاء هنا مستعمل على سبيل الحقيقة.
ب- قال تعالى (فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الذينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبينَ): فالصدق والكذب هنا على سبيل الحقيقة.
2- طباق مجازي: هو أن يكون الطباق واقعًا بين لفظين مستعملين على سبيل المجاز.
أ- قال تعالى (أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ): فالطباق هنا بين لفظين مستعملين على سبيل المجاز.
- فقد استعار الموت للكفر على سبيل الاستعارة الأصلية.
- ثم استعار الحياة للإيمان على سبيل الاستعارة التبعية.
ب- وَتَنَظَّرِي خَبَبَ الرِّكَابِ بِنَصِّهَا *** مُحْيِي القَرِيضِ إلى مُمِيتِ المَالِ.
- حيث استعار محيي القريض لقول الشعر على سبيل الاستعارة التبعية.
- استعار مميت المال لإنفاقه على سبيل الاستعارة التبعية.
ج- كل يومِ بِأُقْحُوَانٍ جديدٍ *** تضحكُ الأرضُ من بُكَاءِ السَّمَاءِ.
- فقد استعار الضحك لظهور النبات على سبيل الاستعارة التبعية.
- ثم استعار البكاء للمطر على سبيل الاستعارة الأصلية
* سمى بذلك: لوضوحه وانكشافه (وكل الأمثلة السابقة تعد منه)، مثل: (وأنَّه هو أَضْحَكَ وأَبْكَى).
2- طباق خفي: هو أن يكون التضاد المفهوم من الكلام تضادًا غير مباشر لا يدرك بسرعة وسهولة.
* سمي بذلك: لأنه يخفى على ذهن العامة ويحتاج إلى تأمل وإمعان نظر للوصول إليه
- قال تعالى: (أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)
فالطباق هنا: خفى، لأنه واقع بين الشدة والرحمة، والرحمة ليست ضد الشدة؛ بل مسببة عن اللين، وأيضاً لم يسمع عن العرب قولهم: (لُيَنَاءُ) حتى يقول (لُيَنَاءُ بينهم).
- قال تعالى: (وَمِنْ رحمتِه جعل لكم اللَّيلَ والنهارَ لِتَسْكُنُوا فيه وَلِتَبْتَغُوا من فَضْلِهِ)
فالطباق هنا: خفى، لأن السكون ضد الحركة، ولكن لما كانت الحركة تكون في الخير والشر والمقام مقام خير، فعبر عن الحركة بلازمها وهو الابتغاء.
- وَأَخَذْتُ أَطْرَافَ الكلامِ فَلَمْ تَدَعْ *** شَتْمًا يَضُرُّ ولا مَدِيحًا يَنْفَعُ.
فالطباق هنا: خَفِيٌّ بين الشتم والمدح، لأنه استعاض عن الهجاء بالشتم لقوة العلاقة بينهما، لأنه آلته.
- يُجْزُونَ مِن ظُلْمِ أَهْلِ الظُّلْمِ مغفرةً *** وَمِنْ إِسَاءَةِ أهل السُّوءِ إحسانًا.
فالطباق هنا: خفى بين الظلم والمغفرة، لأن الظلم ضده العدل، ولكن العدل تنتج عنه المغفرة.
- قال تعالى (أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كالمُجْرِمينَ)
- سمى تدبيجيا: لأن الألوان التي يقع فيها التضاد تزين العبارة وتدبجها، وتضيف إلى المعنى جمالًا.
- شروطه: أن تكون الألوان مستعملة على سبيل الكناية أو التورية
الألوان المتضادة على سبيل الكناية:
-
نُورِدُ الرَّايَاتِ بِيضًا
*** ونُصْدِرُهُنَّ حُمْرًا
قد رُوِينَا
طباق
التدبيج بين: (بيضا - حمرا)؛ لأن (بيضا): كناية عن النقاء(وحمرا): كناية عن كثرة
الدم
-
تَّرَّدى ثيابَ الموتِ حُمْرًا
فما أتى *** لها الليلُ إلا وَهْيَ من سُندُسٍ
خضرُ.
فـ (حمرا): كناية عن القتل والاستشهاد، (وخضر): كناية عن دخول الجنة.
-
مُتَكَفِّنٌ بملابسَ حمراءَ،
وَهِيَ تَعُودُ خُضْرًا.
فـ
(حمراء): كناية عن القتل والاستشهاد، و(خضرا): كناية عن دخول الجنة
الألوان المتضادة على سبيل التورية:
-
(فَمُذِ ازْوَرَّ المحبوبُ الأصفرُ واغْبَرَّ
العيشُ الأخضرُ، واسْوَدَّ يومي الأبيضُ، وابْيَضَّ فَوْدِي الأسودُ، حتى رَثَى لي
العدوُّ الأزرقُ، فَحَبَّذَا الموتُ الأحمرُ).
(ازور المحبوب الأصفر): تورية عن الدينار، والتورية لها معنيان:
أ) أحدهما: قريب ظاهر وهو هنا (المحبوب).
ب) والآخر: بعيد خفي وهو هنا (الذهب).
أما باقي الألوان: فهي كنايات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق